منتدى على كيفك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اجمل وأحلى المنتديات وأرقاها


    رد محمد العربفى للفتاة

    avatar
    عاشقة الوطن
    Admin


    المساهمات : 105
    تاريخ التسجيل : 15/07/2009
    العمر : 33
    الموقع : غزة

    رد محمد العربفى للفتاة Empty رد محمد العربفى للفتاة

    مُساهمة  عاشقة الوطن الثلاثاء سبتمبر 08, 2009 8:16 am

    وهنا قال لها ( محمد ) هوّني عليك.. فلعل أباكِ نشأ منذ صغره.. محروما من الحنان

    والعواطف الرقيقة.. وتعلمين أن فاقد الشيء لا يعطيه!!.. ولكن ماذا عن أمك؟ أكيد أنها

    حنونة رحيمة؟ فإن الأنثى بطبعها رقيقة مرهفة الحس..


    قالت الفتاة: أمي أهون من أبي قليلا.. ولكنها بكل أسف.. تظن الحياة أكلا وشربا ولبسا

    وزيارات فقط.. لا يعجبها شيء من تصرفاتي.. وليس لديها إلا إصدار الأوامر بقسوة..

    والويل كل الويل لي إن خالفت شيئا من أوامرها.. و( قاموس شتائمها ) أصبح محفوظا

    عندي.. لقد تخلت عن كل شيء في البيت ووضعته على كاهلي وعلى كاهل الخادمة..

    وليت الأمر وقف عند هذا.. بل إنها لا يكاد يرضيها شيء.. ولا هم لها إلا تصيد العيوب

    والأخطاء.. ودائما تعيرني بزميلاتي وبنات الجيران.. الناجحات في دراستهن.. أو الماهرات

    في الطبخ وأعمال البيت.. وأغلب وقتها تقضيه في النوم.. أو زيارة الجيران وبعض

    الأقارب.. أو مشاهدة التلفاز.. ولا أذكر منذ سنين.. أنها ضمتني مرة إلى صدرها.. أو

    فتحت لي قلبها..



    قال لها ( محمد ) وكيف هي العلاقة بين أبيك وأمك؟



    فقالت الفتاة: أحس وكأن كلا منهما لا يبالي بالآخر.. وكل منهما يعيش في عالم مختلف..

    وكأن بيتنا مجرد فندق ( ! ) .. نجتمع فيه للأكل والشرب والنوم فقط..



    حاول محمد أن يعتذر لأمها قائلا: على كل حال.. هي أمك التي ربتك.. ولعلها هي

    الأخرى تعاني من مشكلة مع أبيك.. فانعكس ذلك على تعاملها معك.. فالتمسي لها

    العذر.. ولكن هل حاولتِ أن تفتحي لها قلبك وتقفي إلى جانبها؟ فهي بالتأكيد مثلك.. تمر

    بأزمة داخلية نفسية؟!



    فقالت الفتاة مستغربة: أنا أفتح لها صدري.. وهل فتحت هي لي قلبها؟.. إنها هي الأم

    ولست أنا.. إنها بكل أسف.. قد جعلت بيني وبينها – بمعاملتها السيئة لي – جدارا وحاجزا

    لا يمكن اختراقه!!



    فقال لها ( محمد ) ولماذا تنتظرين أن تبادر هي.. إلى تحطيم ذلك الجدار؟!!.. لماذا لا

    تكونين أنتِ المبادرة ؟!!.. لماذا لا تحاولين الاقتراب منها أكثر؟!!



    فقالت: لقد حاولت ذلك.. واقتربت منها ذات مرة.. وارتميت في حضنها.. وأخذت أبكي

    وأبكي.. وهي تنظر إلي باستغراب!!.. وقلت لها: أماه: أنا محطمة من داخلي.. إنني

    أنزف من أعماقي!!.. قفي معي.. ولا تتركيني وحدي.. إنني أحتاجك أكثر من أي وقت

    مضى..!!



    فنظرت إلي مندهشة!!.. ووضعت يدها على رأسي تتحسس حرارتي.. ثم قالت: ما هذا

    الكلام الذي تقولينه؟!.. إما أنكِ مريضة!!.. وقد أثر المرض على تفكيرك.. وإما أنكِ

    تتظاهرين بالمرض.. لأعفيكِ من بعض أعمال المنزل.. وهذا مستحيل.. ثم قامت عني

    ورفعت سماعة التليفون.. تحادث إحدى جاراتها.. فتركتها وعدت إلى غرفتي.. أبكي دما

    في داخلي قبل أن أبكي دموعا!!..



    ثم انخرطت الفتاة في بكاء مرير!!



    حاول ( محمد ) أن يغير مجرى الحديث فسألها: وما دور أخواتك وإخوتك الآخرين؟



    فقالت: إنه دور سلبي للغاية!!.. فالإخوان والأخوات المتزوجات كل منهم مشغول

    بنفسه.. وإذا تحدثت معهم عن مأساتي.. سمعت منهم الجواب المعهود: وماذا ينقصك؟

    احمدي ربك على الحياة المترفة التي تعيشين فيها.. وأما أخي غير المتزوج فهو مثلي

    حائر تائه.. أغلب وقته يقضيه خارج المنزل مع شلل السوء ورفقاء الفساد.. يتسكع في

    الأسواق وعلى الأرصفة!!


    أراد الشيخ ( محمد ) أن يستكشف شيئا من خبايا نفسية تلك الفتاة.. فسألها: إن من

    طلب شيئا بحث عنه وسعى إلى تحصيله.. وما دمت تطلبين السعادة والأمان الذي يسد

    جوعك النفسي.. فهل بحثتِ عن هذه السعادة؟؟


    فقالت الفتاة بنبرة جادة: لقد بحثت عن السعادة.. في كل شيء.. فما وجدتها!



    لقد كنت ألبس أفخر الملابس وأفخمها.. من أرقى بيوت الأزياء العالمية.. ظنا مني أن

    السعادة ستحصل حين تشير إلى ملابسي فلانة.. أو تمدحها وتثني عليها فلانة.. أو

    تتابعني نظرات الإعجاب من فلانة.. لكنني سرعان ما اكتشفت الحقيقة الأليمة.. إنها

    سعادة زائفة وهمية.. لا تبقى إلا ساعة بل أقل.. ثم يصبح ذلك الفستان الجديد الذي كنت

    أظن السعادة فيه مثل سائر ملابسي القديمة.. ويعود الهم والضيق والمرارة إلى

    نفسي.. وأشعر بالفراغ والوحدة تحاصرني من كل جانب.. ولو كان حولي مئات الزميلات

    والصديقات!!


    ظننت السعادة في الرحلات والسفر.. والتنقل من بلد لآخر.. ومن شاطئ لآخر.. ومن

    فندق لفندق.. فكنت أسافر مع والدي وعائلتي.. لنطوف العالم في الإجازات.. ولكني كنت

    أعود من كل رحلة.. وقد ازداد همي وضيقي.. وازدادت الوحشة التي أشعر بها تجتاح

    كياني..

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 15, 2024 11:04 pm