منتدى على كيفك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اجمل وأحلى المنتديات وأرقاها


    يتبع رد محمد العريفى للفتاة

    avatar
    عاشقة الوطن
    Admin


    المساهمات : 105
    تاريخ التسجيل : 15/07/2009
    العمر : 33
    الموقع : غزة

    يتبع رد محمد العريفى للفتاة Empty يتبع رد محمد العريفى للفتاة

    مُساهمة  عاشقة الوطن الثلاثاء سبتمبر 08, 2009 8:18 am

    وظننت السعادة في الغناء والموسيقى.. فكنت أشتري أغلب ألبومات الأغاني العربية

    والغربية التي تطرح إلى الأسواق فور نزولها.. وأقضي الساعات الطوال في غرفتي..

    في سماعها والرقص على أنغامها.. طمعا في تذوق معنى السعادة الحقيقية.. ورغبة

    في إشباع الجوع النفسي الذي أشعر به.. وظنا مني أن السعادة في الغناء والرقص

    والتمايل مع الأنغام.. ولكنني اكتشفت أنها سعادة وهمية.. لا تمكث إلا دقائق معدودة

    أثناء الأغنية.. ثم بعد الانتهاء منها.. يزداد همي.. وتشتعل نار غريبة في داخلي.. وتنقبض

    نفسي أكثر وأكثر.. فعمدت إلى كل تلك الأشرطة فأحرقتها بالنار.. عسى أن تطفئ النار

    التي بداخلي..


    وظننت أن السعادة في مشاهدة المسلسلات والأفلام والتنقل بين الفضائيات.. فعكفت

    على أكثر من ثلاثين قناة.. أتنقل بينها طوال يومي.. وكنت أركز على المسلسلات

    والأفلام الكوميدية المضحكة.. ظنا مني أن السعادة هي في الضحك والفرفشة والمرح..


    وبالفعل كنت أضحك كثيرا وأنا أشاهدها.. وأنتقل من قناة لأخرى.. لكنني في الحقيقة..

    كنت وأنا أضحك بفمي.. أنزف وأتألم من أعماق قلبي.. وكلما ازددت ضحكا وفرفشة..

    ازداد النزيف الروحي..


    وتعمقت الجراح في داخلي.. وحاصرتني الهموم والآلام النفسية..


    وسمعت من بعض الزميلات أن السعادة في أن ارتبط مع شاب وسيم أنيق.. يبادلني

    كلمات الغرام.. ويبثني عبارات العشق والهيام.. ويتغزل بمحاسني كل ليلة عبر الهاتف..

    وسلكت هذا الطريق.. وأخذت أتنقل من شاب لآخر.. بحثا عن السعادة والراحة النفسية..

    ومع ذلك لم أشعر بطعم السعادة الحقيقية.. بل بالعكس.. مع انتهاء كل مقابلة أو مكالمة

    هاتفية.. أشعر بالقلق والاضطراب يسيطر على روحي.. وأشعر بنار المعصية تشتعل

    في داخلي.. وأدخل في دوامة من التفكير المضني والشرود الدائم.. وأشعر بالخوف من

    المستقبل المجهول.. يملأ علي كياني.. فكأنني في حقيقة الأمر.. هربت من جحيم إلى

    جحيم أبشع منه وأشنع..


    سكتت الفتاة قليلا.. ثم تابعت قائلة: ولذلك لا بد أن تفهموا وتعرفوا نفسية ودوافع أولئك

    الفتيات اللاتي ترونهن في الأسواق.. وهن يستعرضن بملابسهن المثيرة.. ويغازلن

    ويعاكسن ويتضاحكن بصوت مرتفع.. ويعرضن لحومهن ومحاسنهن ومفاتنهن للذئاب

    الجائعة العاوية من الشباب التافهين.. إنهن في الحقيقة ضحايا ولسن مجرمات.. إنهن

    في الحقيقة مقتولات لا قاتلات.. إنهن ضحايا الظلم العائلي.. إنهن حصاد القسوة

    والإهمال العاطفي من الوالدين.. إنهن نتائج التفكك الأسري والجفاف الإيماني.. إن كل

    واحدة منهن تحمل في داخلها مأساة مؤلمة دامية.. هي التي دفعتها إلى مثل هذه

    التصرفات الحمقاء.. وهي التي قادتها إلى أن تعرض نفسها على الذئاب المفترسة التي

    تملأ الأسواق والشوارع.. وإن الغريزة الشهوانية الجنسية لا يمكن أن تكون لوحدها هي

    الدافع للفتاة المسلمة لكي تعرض لحمها وجسدها في الأسواق وتبتذل وتهين نفسها

    بالتقاط رقم فلان.. وتبيع كرامتها بالركوب في السيارة مع فلان.. وتهدر شرفها بالخلوة مع

    فلان..


    فبادرها ( محمد ) قائلا: ولكن يبرز هنا سؤال مهم جدا، وهو: هل مرورها بأزمة نفسية

    ومأساة عائلية يبرر لها ويسوغ لها أن تعصي ربها تعالى.. وتبيع عفافها وتتخلى عن

    شرفها وطهرها وتعرض نفسها لشياطين الإنس.. هل هذا هو الحل المناسب لمشكلتها

    ومأساتها؟؟ هل هذا سيغير من واقعها المرير المؤلم شيئا؟؟


    فأجابت الفتاة: أنا أعترف بأنه لن يغير شيئا من واقعها المرير المؤلم.. بل سيزيد الأمر

    سوءا ومرارة.. وليس مقصودي الدفاع عن أولئك الفتيات.. إنما مقصودي إذا رأيتموهن

    فارحموهن وأشفقوا عليهن.. وادعوا لهن بالهداية ووجهوهن.. فإنهن تائهات حائرات..

    يحسبن أن هذا هو الطريق الموصل للسعادة التي يبحثن عنها..


    سكتت الفتاة قليلا.. ثم تابعت قائلة: لقد أصبحت أشك.. هل هناك سعادة حقيقية في

    هذه الدنيا؟!!.. وإذا كانت موجودة بالفعل.. فأين هي؟!!.. وما هو الطريق الموصل إليها..

    فقد مَلِلت من هذه الحياة الرتيبة الكئيبة..


    فقال لها الشيخ ( محمد ): أختاه.. لقد أخطأتِ طريق السعادة.. ولقد سلكتِ سبيلا غير

    سبيلها.. فاسمعي مني.. لتعرفي طريق السعادة الحقة!!..------- - - - - - - - - - ------


    إن السعادة الحقيقية أن تلجأي إلى الله تعالى وتتضرعي له وتنكسري بين يديه..

    وتقومي لمناجاته في ظلام الليل.. ليطرد عنك الهموم والغموم.. ويداوي جراحك..

    ويفيض على قلبك السكينة والانشراح..


    أختاه: إذا أردتِ السعادة فاقرعي أبواب السماء بالليل والنهار.. بدلا من قرع أرقام

    الهاتف.. على أولئك الشباب التافهين الغافلين الضائعين..


    صدقيني يا أختاه.. إن الناس كلهم لن يفهموك.. ولن يقدروا ظروفك.. ولن يفهموا

    أحاسيسك.. وحين تلجأين إليهم.. فمنهم من يشمت بك.. أو يسخر من أفكارك.. ومنهم

    من يحاول استغلالك لأغراضه ومآربه الشخصية الخسيسة.. ومنهم من يرغب في

    مساعدتك.. ولكنه لا يملك لكِ نفعا ولا ضرا..


    أختاه: إنكِ لن تجدي دواء لمرضك النفسي.. لعطشك وجوعك الداخلي.. إلا بالبكاء بين

    يدي الله تعالى.. ولن تشعري بالسكينة والطمأنينة والراحة.. إلا وأنتِ واقفة بين يديه..

    تناجينه وتسكبين عبراتك الساخنة.. وتطلقين زفراتك المحترقة.. على أيام الغفلة

    الماضية..


    قالت الفتاة والعبرة تخنقها: لقد فكرت في ذلك كثيرا.. ولكن الخجل من الله.. والحياء من

    ذنوبي وتقصيري يمنعني من ذلك.. إذ كيف ألجأ إلى الله وأطلب منه المعونة و*****ير

    وأنا مقصرة في طاعته.. مبارزة له بالذنوب والمعاصي..


    فقال لها ( محمد ) : سبحان الله.. يا أختاه: إن الناس إذا أغضبهم شخص وخالف أمرهم..

    غضبوا عليه ولم يسامحوه.. وأعرضوا عنه ولم يقفوا معه في الشدائد والنكبات.. ولكن

    الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد من عباده.. ولو كان من أكبر العصاة وأعتاهم.. بل متى

    تاب المرء وأناب.. فتح له أبواب رحمته.. وتلقاه بالمغفرة والعفو.. بل حتى إذا لم يتب إليه..

    فإنه جل وعلا يمهله ولا يعاجله بالعقوبة.. بل ويناديه ويرغبه في التوبة والإنابة.. أما

    علمت أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: «إني والجن والإنس في نبأ عظيم..

    أتحبب إليهم بنعمتي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم الفقراء إلي!! من

    أقبل منهم إلي تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب، أهل معصيتي

    لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم، فإني أحب التوابين والمتطهرين، وإن

    تباعدوا عني فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، رحمتي

    سبقت غضبي، وحلمي سبق مؤاخذتي، وعفوي سبق عقوبتي، وأنا أرحم بعبادي من

    الوالدة بولدها».


    وما كاد ( محمد ) ينتهي من ذلك الحديث القدسي.. حتى انفجرت الفتاة بالبكاء.. وهي

    تردد: ما أحلم الله عنا.. ما أرحم الله بنا..


    بعد أن هدأت الفتاة.. واصل الشيخ ( محمد ) حديثه قائلا: أختاه: إنني مثلك أبحث عن

    السعادة الحقيقية في هذه الدنيا.. ولقد وجدتها أخيرا.. وجدتها في طاعة الله.. في الحياة

    مع الله وفي ظل مرضاته.. وجدتها في التوبة والأوبة.. وجدتها في الاستغفار من الحوبة..

    وجدتها في دموع الأسحار.. وجدتها في مصاحبة الصالحين الأبرار.. وجدتها في بكاء

    التائبين.. وجدتها في أنين المذنبين.. وجدتها في استغفار العاصين.. وجدتها في تسبيح

    المستغفرين.. وجدتها في الخشوع والركوع.. وجدتها في الانكسار لله والخضوع.. وجدتها

    في البكاء من خشية الله والدموع.. وجدتها في الصيام والقيام.. وجدتها في امتثال شرع

    الملك العلام.. وجدتها في تلاوة القرآن.. وجدتها في هجر المسلسلات والألحان..


    أختاه: لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق.. فوجدت أن الناس إذا أحبوا أخذوا.. وإذا

    منحوا طلبوا.. وإذا أعطوا سلبوا.. ولكن الله تعالى إذا أحب عبده أعطاه بغير حساب.. وإذا

    أطيع جازى وأثاب..



    أيتها الغالية: إن الناس لا يمكن أن يمنحونا ما نبحث عنه من صدق وأمان.. وما نطلبه من

    رقة وحنان.. ونتعطش إليه من دفء وسلوان.. لأن كلا منهم مشغول بنفسه مهتم بذاته..

    ثم إن أكثرهم محروم من هذه المشاعر السامية والعواطف النبيلة.. ولا يعرف معناها

    فضلا عن أن يتذوق طعمها.. ومن كان هذا حاله فهو عاجز عن منحها للآخرين.. لأن فاقد

    الشيء لا يعطيه كما هو معروف..


    أختاه: لن تجدي أحدا يمنحك ما تبحثين عنه.. إلا ربك ومولاك.. فإن الناس يغلقون

    أبوابهم.. وبابه سبحانه مفتوح للسائلين.. وهو باسط يده بالليل والنهار.. ينادي عباده:

    تعالوا إلي؟ هلموا إلى طاعتي.. لأقضي حاجتكم.. وأمنحكم الأمان والراحة والحنان.. كما

    قال تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا

    لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }


    أختاه: إن السعادة الحقيقية.. لا تكون إلا بالحياة مع الله.. والعيش في كنفه سبحانه

    وتعالى.. لأن في النفس البشرية عامة ظمأ وعطشا داخليا.. لا يرويه عطف الوالدين.. ولا

    يسده حنان الإخوة والأقارب.. ولا يشبعه حب الأزواج وغرامهم وعواطفهم الرقيقة.. ولا

    تملؤه مودة الزميلات والصديقات.. فكل ما تقدم يروي بعض الظمأ.. ويسقي بعض

    العطش.. لأن كل إنسان مشغول بظمأ نفسه.. فهو بالتالي أعجز عن أن يحقق الري

    الكامل لغيره.. ولكن الري الكامل والشبع التام لا يكون إلا باللجوء إلى الله تعالى..

    والعيش في ظل طاعته.. والحياة تحت أوامره.. والسير في طريق هدايته ونوره.. فحينها

    تشعرين بالسعادة التامة.. وتتذوقين معنى الحب الحقيقي.. وتحسين بمذاق اللذة

    الصافية.. الخالية من المنغصات والمكدرات.. فهلا جربتِ هذا الطريق ولو مرة واحدة..

    وحينها ستشعرين بالفرق العظيم.. وسترين النتيجة بنفسك..


    فأجابت الفتاة ودموع التوبة تنهمر من عينيها: نعم.. هذا والله هو الطريق!! وهذا هو ما

    كنت أبحث عنه.. وكم تمنيت أنني سمعت هذا الكلام.. منذ سنين بعيدة.. ليوقظني من

    غفلتي.. وينتشلني من تيهي وحيرتي.. ويلهمني طريق الصواب والرشد..


    فبادرها ( محمد ) قائلا : إذن فلنبدأ الطريق من هذه اللحظة.. وها هو الفجر ظهر وبزغ..

    وها هي خيوط الفجر المتألقة تتسرب إلى الكون قليلا قليلا.. وها هي أصوات المؤذنين

    تتعالى في كل مكان.. تهتف بالقلوب الحائرة والنفوس التائهة.. أن تعود إلى ربها ومولاها..

    وها هي نسمات الفجر الدافئة الرقيقة تناديك أن عودي إلى ربك.. عودي إلى مولاك..

    فأسرعي وابدئي صفحة جديدة من عمرك.. وليكن هذا الفجر هو يوم ميلادك الجديد..

    وليكن أول ما تبدئين به حياتك الجديدة ركعتين تقفين بهما بين يدي الله تعالى.. وتسكبين

    فيها العبرات.. وتطلقين فيها الزفرات والآهات.. على المعاصي والذنوب السالفات..


    وأرجو أن تهاتفيني بعد أسبوعين من الآن.. لنرى هل وجدت طعم السعادة الحقيقية أم

    لا؟

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس أكتوبر 31, 2024 5:12 pm